الاثنين، 1 يوليو 2013

حول بيان الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب : الأكاذيب لا تصنع الحقيقة!!


اختتمت في الخامس من يونيو في أبوظبي فعاليات اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب والفعاليات المصاحبة والتي استمرت ثلاثة أيام وصدر عن الاجتماعات ثلاثة بيانات وهي البيان الختامي والبيان الثقافي وبيان الحريات . وقد جاء الاجتماع معبرا عن حال التناقض الذي يحياه المشهد في الدولة، فقد نقل حبيب الصايغ رئيس مجلس ادارة اتحاد كتّاب وأدباء الامارات رئيس وفد الدولة المضيفة عن الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية راعي حفل الافتتاح قوله:

" يبدو ان الكتاب العرب هم اكثر الناس إحساساً بالإنسان العربي مكاناً وزماناً وتطلعات وهموماً وهذا الانطباع حقيقي وصحيح انتم ضمير امتنا ولا يقال ذلك على سبيل المجاز بل الحقيقة مثل الشمعة التي تحترق لتضيء وهو بسيط وعميق ومعبر بالتاكيد لكن يتطلب ليصدق كل من الكاتب والشاعر العربي جهودا مضنية من اجل الارتفاع بانتاجنا على صعيدي الشكل والمضمون نريد ان نعبر عن محيطنا وفضائنا وفضاء الدنيا بما هو فن هذا مهم".

الا أن البيان الختامي أكد أن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب "يدعم دولة الإمارات العربية المتحدة في جميع ما تتخذه من إجراءات لحفظ أمنها الوطني وحقوقها المشروعة للتصدي للتيارات الظلامية (!!) التي تستهدف الاستقرار والسلام الاجتماعي (!!) في هذا القطر العربي العزيز" .

هذا الدعم الذي جاء على استحياء بضغط خارجي على ما يبدو أوقع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في تناقض عجيب فقد جاء في بيان الاجتماع الختامي للإتحاد عدد من البنود التي تنتقد التضييق على الحريات منها :

إدانة ما أسماه " المحاصرة المنظمة لحرية الرأي والتعبير في عدد من البلدان العربية، منها مصر واليمن وسوريا مع محاكمة عدد من الكتاب والأكاديميين بتهم وهمية من قبيل ازدراء الأديان ونقد السلطات الحاكمة" اضافة الى مطالبة المؤتمرين "بدعم حق التظاهر السلمي، وحق التعبير عن الرأي، ويطالب جميع الاتحادات العربية، ومنظمات المجتمع المدني، بالتصدي لكل محاولات الاعتداء على حرية الفكر" .
بيان البرج العالي

الواقع المر أنه ومع قضية "دعوة الإصلاح" تتصاعد أزمة نشطاء الرأي في الإمارات ،ويتحول معه البيان السابق إلى سراب، فمن صاغ البيان من "كتاب وأدباء العرب" لم يُعلم أو يُخبر بمحاكمة نشطاء إماراتيين أمثال سعود كليب ووليد الشحي وعبدالله الحديدي ومحمد الزمر وغيرهم الكثير ممن ينتظرهم قانون (مكافحة جرائم تقنية المعلومات)، هذا القانون الذي ينتزع حرية التعبير من مهدها ويدفنها حية.

لقد سجل هذا القانون، الذي يجب أن توزع نسخا منه مجانيا على إدارة الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رقما قياسيا في العقوبات المقيِّدة للحرية. حيث تكفي تغريدة واحدة لأي مغرِّد على تويتر للزج به في السجن المؤبد ودفع غرامة تصل إلى مليونيّ درهم. سيكون مجرد تصفح الإنترنت كالولوج في حقل ألغام. تكفي نظرة واحدة على المواد (٤، ٢٤، ٢٦، ٢٨، ٢٩، ٣٠، ٣٨) من القانون التي تتوعد بالسجن كل لمسة زر لا توافق هوى عناصر الجهاز وواجهاته. لتعرف مدى الحرية التي يتطلع إليها بعض المسؤولين خصوصا المسؤولين منهم عن متابعة ملف حقوق الإنسان في الدولة، فالقانون لا يجد حرجا أن رسما كرتونيا يكفي بإلقائك خلف القضبان لخمسة عشر سنة قادمة!!!


دعاة الاصلاح خارجون على القانون!!

وبالعودة لبيان الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب تعلم مدى الإنفصام والإنعزال عن الواقع الذي يحياه بعض المسؤولين والكتاب. فحينما يؤكد البيان على: "مطالبة الحكومات العربية بإلغاء التشريعات والقوانين المقيِّدة للكتابة والإبداع" ثم يفاجئنا بالتنبيه على "أهمية الإفصاح عن الإنتهاكات المتعلقة بالحريات وفضح القائمين بها ومقاضاتهم"، ثم تعجب أنه بعد صياغة البيان أن يحمل ذات المسؤولين والكتاب على النشطاء ويشنوا عليهم حملة شعواء، فيصبح النشطاء مجرد "خارجين على القانون" ينبغي عقابهم وإعادتهم إلى رشدهم.

صحيح أن الأكاذيب لا تصنع الحقيقة، فمع ما سبق تتسابق الأبواق الإعلامية على التغني بمنظات المجتمع المدني الحكومية وترهق القارئ بحصر أرقامهم وزياراتهم بلا عمل ولا إنجاز يكشف الحقيقة في قضية دعاة الإصلاح. وبلا تحقيق يُظهر حقيقة الإنتهاكات والتظلمات التي تقدم بها المظلومين من المتهمين وذويهم نجد الإعلام يعود ليضفي نوعا من القدسية على القضاء وغمره بالتنزيه والتسبيح ونعت نيابة أمن الدولة، سيئة الصيت، بالمهنية والمسؤولية وحسن الأداء ثم تهلل بعناصر الجهاز فتضفي عليهم هالة من العصمة، فتسمي إنتهاكاتهم حرصا وعدوانهم إحسانا وتعذيبهم حبا للوطن.

وجرى الإعلام جريَ المنقاد في شن حملته على المواطنين من المتهمين والنشطاء، مع أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فتلصق بهم أبشع الأوصاف كالحاقدين والموتورين وأهل الضلال والتخوين وينعتهم بالظلامية ثم يقول في الختام أن الأمور طيبة ولا مجال للفرقة.

إن الظلامية الحقة هي أن يتعرض مواطن للتعذيب والاختفاء القسري لثمانية أشهر ينقطع عن العالم وبلا محام وبلا قانون ولا قضاء يحميه ثم يقال عدل وشفافية. إن الظلامية الواقعية أن تُزور أقوال أكثر من ٤٨ متهما في أوراق تحمل شعار الدولة وعلى يد نيابة أمن الدولة التي يُفترض فيها الأمانة، وتُقدم بلاغات من المتهمين على ذلك مدعّمة بالمستندات الرسمية إلى النائب العام الإتحادي والنائب العام المحلي وقاضي المحكمة ثم لا يتم حتى الآن تحقيق عاجل وصارم في التزوير ولا يحرك ساكنا في الموضوع.
تغريدة بمليون درهم!!

الظلامية أن يُسلط سيف التهديد بالسجن المؤبد والغرامة التي تصل إلى مليوني درهم على بث تغريدة أو دخول موقع لا ترضى عنه عناصر الجهاز ولا يوافق هواها والتي يستنفرها أي كلمة تقصد المزحة والإصلاح وتحاكم الفكر وتكشف عن النيات.
الظلامية أن تطلق يد بعض الأجهزة في افتعال جريمة وتعذيب متهميها وتغيير أقوالهم وتزوير أوراقها وبعثرة مستنداتها وتوجيه أبواقها ثم محاصرة محكمتها والتدخل في التأثير على حكمها والتوجيه له قبل النطق به، هنا الظلامية!!!
إن تلك الأجهزة وواجهاتها هي من ابتعدت عن الهدف الأصلي من الدستور وهو تحقيق الاستقرار والطمأنينة والأمان، وعوضا عنه تثير الرعب وتشيع الخوف والقلق في نفوس المواطنين وأسرهم. ثم يخلُّون بالنظام العام مهدرينه ومهددين استقلال القضاء مستخدمين سياسة الأمر الواقع. إن أي مؤسسة ستحاول مخالفة القانون، مصدر قراراتها، بمخالفة إجراءاته مستمدة قوتها من غياب نظام رقابي حقيقي يشرع ويحاسبها على أخطائها وتجاوزاتها لابد وأن تكون ظلامية. من يفعلون ذلك هم من يقومون بتعطيل أحكام الدستور والقانون وهم أحرى بأن يوصفوا بأنهم الذين ينقلبون على الحكم ويناهضون المبادئ الأساسية التي بُنى عليها النظام من حريات وحقوق وهم الذين ينزلقون في مزالق خطيرة ويعيشون في الظلامية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق