الأربعاء، 27 فبراير 2013

#محاكمة_أحرار_الإمارات.

 



1)حكمت محكمة الاستئناف ببراءة القاضي د . #أحمد_الزعابي من تهمة التزوير والاستعمال.#محاكمة_أحرار_الإمارات


2) بالرغم من صدور حكم البراءة إلا أنه مازال رهن الاعتقال في سجون أمن الدولة الانفرادية.#محاكمة_أحرار_الإمارات


3)وقد ثبت كذلك تعرضه لتعذيب شديد ، لنزع اعترفات ملفقة أرادها جهاز الأمن ليخدم القضية.#محاكمة_أحرار_الإمارات


4)بعد اعتقال د. #أحمد_الزعابي ، تم اتهامه بداية بتزوير الجواز واستعماله، وضع في السجن وتم تحويل قضيته إلى المحكمة. #محاكمة_أحرار_الإمارات


5) قضية الزعابي أشرف عليها أمن الدولة ولما لاحت استحالة ثبات التهمة عليه، تم اختطافه وضمه لقضية التنظيم السري.#محاكمة_أحرار_الإمارات


6)قبل ضمه لسجون جهاز الأمن وبالرغم من وجود قضيته في المحكمة، بدأ جهاز الأمن بحملة إعلامية حاول تشويه صورته فيها!#محاكمة_أحرار_الإمارات


7) فبدؤوا بتخوينه وتشويه صورته، وإشاعة استعماله وتزويره لجوازه، بالرغم من عدم صدور أي حكم في ذلك!#محاكمة_أحرار_الإمارات



8)محاولة التشويه تلك،كانت لتبرير الانتهاكات التي ارتكبها جهاز الأمن في حق الزعابي، خاصة أن الرجل معروف بسيرته الحسنة #محاكمة_أحرار_الإمارات
 

9) بعد كل حملات التشويه، حكمت المحكمة ببراءته، لذلك نطرح السؤال التالي : #محاكمة_أحرار_الإمارات


10)مالهدف من تنظيم كل هذه الحملات الإعلامية لتشويه صورة "متهم بريء" قبل محاكمته؟#محاكمة_أحرار_الإمارات 


11)تفسير هذا الأمر لا يعدو عن أن يكون أحد هذين السببين: #محاكمة_أحرار_الإمارات


12)1-إما أن تكون المحكمة لا تحكم بنزاهة وحيادية، وأنها برأت من كان متهما لدى جهاز الأمن الذي يفترض أن تكون لديه أدلة#محاكمة_أحرار_الإمارات


13)2- أو أن يكون جهاز الأمن قد اتهم الدكتور أحمد الزعابي زورا وبهتنا، لأغراض تخدم مصالح المتحكمين في الجهاز. #محاكمة_أحرار_الإمارات


14)وكلاهما ركنان أساسيان في الدولة لا ينبغي أن يتصفان بهذا الوصف !#محاكمة_أحرار_الإمارات

15)وبالنظر إلى القضية التي لم تدخل أروقة المحاكم بعد،و هذا الحشد من الإعلام والتسابق في تشويه صورتها نطرح هذه الأسئلة #محاكمة_أحرار_الإمارات


16)لم السعي إلى النيل من المعتقلين وتشويه الصورة والتأثير على المجتمع؟!#محاكمة_أحرار_الإمارات


17) الكل يعلم أن المتحكم الرئيسي في وسائل الإعلام المحلية،هو جهاز الأمن وأن أغلب المتصدرين للحملة مكلفين من قبله. #محاكمة_أحرار_الإمارات


18)هل يريد جهاز الأمن التأثير على القضاء أو بمعنى آخر تهديد القضاة، خاصة أن القاضي لا يتم تعيينه إلا بموافقة أمنية! #محاكمة_أحرار_الإمارات


19) لِمَ لَم يتم السماح للمعتقلين بالخروج،والتعبير عن رأيهم، خصوصا أن الإعلام بدأ بفرض رأي جهاز الأمن قبل إثبات التهم #محاكمة_أحرار_الإمارات


20)لِمَ تم فرض هذا الرأي على الشعب والمجتمع ولم يسمح لهم بالحديث والتعبير عن رأي آخر بل يتم اعتقال المدافعين وإيذائهم#محاكمة_أحرار_الإمارات


21) مالهدف من تنظيم مؤتمرات ضد المعتقلين وقضيتهم في الجامعات وإجبار الطلبة على حضورها والاستماع لتفاهات جهاز الأمن! #محاكمة_أحرار_الإمارات


22) هل جهاز الأمن يعد نفسه وصيا على الشعب، هل يظن أن شعب الإمارات عديم الأهلية، ولا رأي له ؟! #محاكمة_أحرار_الإمارات


23) هل هي محاولة لجعل الشعب يتقبل التهم التي لا تصدق على أعضاء #دعوة_الإصلاح ؟#محاكمة_أحرار_الإمارات


24) هل يعتقد جهاز الأمن أن أحكامه ستلاقي قبولا لدى الناس والجميع يعلم خفايا جهاز الأمن ولعبته القذرة! #محاكمة_أحرار_الإمارات


25) هل التعرض لأهالي المعتقلين بالسب والقذف، ورفض قبول شكاويهم لدى الجهات المختصة، يعد خدمة للقضية #محاكمة_أحرار_الإمارات


26) لم التلميح لجعل المحاكمة سرية، بطلب من المدعي العام للحفاظ على سرية معلومات المعتقلين ولصالحهم ؟ #محاكمة_أحرار_الإمارات


27)وأي سرية بقيت في القضية بعد كل حملات التشويه من قبل جهاز أمن الدولة،إذ لم تبق معلومة إلا وأعلن عنها"المصدر المطلع" #محاكمة_أحرار_الإمارات


28)عقلا وقانونا،من المفترض أن تكون السرية في ملف التحقيق، وليس التكتم على جلسات المحاكمة، التي ينبغي أن يشهدها العالم #محاكمة_أحرار_الإمارات


29) هل يعني هذا أن المحاكمة لا تعدو أكثر من كونها شكلية ، والأحكام مجهزة مسبقا من قبل جهاز الأمن؟! #محاكمة_أحرار_الإمارات

 30) كل هذه الأمور تجعلنا نفكر، هل ستصدر الأحكام وفق مقومات العدالة رغم كل النتهاكات التي سبقتها النفسية والجسدية؟#محاكمة_أحرار_الإمارات


المصدر 

نعوم تشومسكي : استراتيجيات التحكّم في البشر والسّيطرة على الجمهور



يكشف عالم اللسانيات والمفكر الأمريكي ناعوم تشومسكي في هذا المقال ما يمكن تسميته " استراتيجيات التحكّم والتوجيه العشر " التي تعتمدها دوائر النفوذ في العالم للتلاعب بجموع النّاس وتوجيه سلوكهم والسيطرة على أفعالهم وتفكيرهم في مختلف بلدان العالم. ويبدو أنّ تشومسكي استند في مقاله إلى "وثيقة سريّة للغاية " يعود تاريخها إلى مايو1979 تمّ العثور عليها سنة 1986 عن طريق الصدفة , و تحمل عنوانا مثيرا "الأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة ", وهي عبارة عن كتيّب أو دليل للتحكّم في البشر وتدجين المجتمعات والسيطرة على المقدّرات, ويرجّح المختصّون أنّها تعود إلى بعض دوائر النفوذ العالمي التي عادة ما تجمع كبار الساسة والرأسماليين والخبراء في مختلف المجالات ( الماسونية مثلا) عموما المقال مثير جدّا بما فيه من فضح لخطط مفزعة يمكن تلمّس تطبيقاتها العينيّة بوضوح في السياسة الدولية, وحتّى المحليّة , وفي الخيارات الاقتصادية والتعليميّة أيضا .

1- استراتيجية الإلهاء والتسلية

عنصر أساسي لتحقيق الرقابة على المجتمع ، عبر تحويل انتباه الرأي العام عن القضايا الهامة والتغيرات التي تقررها النخب السياسية والاقتصادية ، مع إغراق النّاس بوابل متواصل من وسائل الترفيه , في مقابل شحّ المعلومات وندرتها. وهي استراتيجية ضرورية أيضا لمنع العامة من الوصول إلى المعرفة الأساسية في مجالات العلوم والاقتصاد وعلم النفس وعلم الأعصاب ، وعلم التحكم الآلي. "حافظوا على اهتمام الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية ، اجعلوه مفتونا بمسائل لا أهمية حقيقية لها . أبقوا الجمهور مشغولا ، مشغولا ، مشغولا ، لا وقت لديه للتفكير ،و عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات. مقتطفات من كتيّب أو دليل "الأسلحة الصامتة لخوض حرب هادئة".

2- استراتيجيّة افتعال الأزمات و المشاكل وتقديم الحلول

كما يسمّى هذا الأسلوب "المشكلة/ التّفاعل / الحلّ". يبدأ بخلق مشكلة , وافتعال"وضع مّا" الغاية منها انتزاع بعض ردود الفعل من الجمهور ، بحيث يندفع الجمهور طالبا لحلّ يرضيه. على سبيل المثال : السّماح بانتشار العنف في المناطق الحضرية ، أو… تنظيم هجمات دموية ، حتى تصبح قوانين الأمن العام مطلوبة حتّى على حساب الحرية. أو : خلق أزمة اقتصادية يصبح الخروج منها مشروطا بقبول الحدّ من الحقوق الاجتماعية وتفكيك الخدمات العامّة , ويتمّ تقديم تلك الحلول المبرمجة مسبقا , ومن ثمّة, قبولها على أنّها شرّ لا بدّ منه.



3- استراتيجية التدرّج

لضمان قبول ما لا يمكن قبوله يكفي أن يتمّ تطبيقه تدريجيّا على مدى 10 سنوات. بهذه الطريقة فرضت ظروف اقتصاديّة و اجتماعيّة مثّلت تحوّلا جذريّا كالنيوليبراليّة و ما صاحبها من معدلات البطالة الهائلة و الهشاشة والمرونة …. العديد من التغييرات التي كانت ستتسبّب في ثورة إذا ما طبقت بشكل وحشيّ, يتمّ تمريرها تدريجيّا وعلى مراحل.

4- استراتيجية التأجيل

هناك طريقة أخرى لتمرير قرار لا يحظى بشعبية هو تقديمه باعتباره "قرارا مؤلما ولكنّه ضروريّ "، والسّعي إلى الحصول على موافقة الجمهور لتطبيق هذا القرار في المستقبل. ذلك أنّه من الأسهل دائما قبول القيام بالتضحية في المستقبل عوض التضحية في الحاضر. و لأنّ الجهد المطلوب لتخطّي الأمر لن يكون على الفور. ثم لأنّ الجمهور لا يزال يميل إلى الاعتقاد بسذاجة أنّ "كلّ شيء سيكون أفضل غدا" ، و هو ما قد يمكّن من تجنّب التضحية المطلوبة. وأخيرا ، فإنّ الوقت سيسمح ليعتاد الجمهور فكرة التغيير و يقبل الأمر طائعا عندما يحين الوقت.

5- مخاطبة الجمهور على أنّهم قصّر أو أطفال في سنّ ما قبل البلوغ

معظم الإعلانات الموجّهة للجمهور العريض تتوسّل خطابا و حججا وشخصيات ، أسلوبا خاصّا يوحي في كثير من الأحيان أنّ المشاهد طفل في سنّ الرضاعة أو أنّه يعاني إعاقة عقلية. كلّما كان الهدف تضليل المشاهد , إلاّ وتمّ اعتماد لغة صبيانية. لماذا؟ "إذا خاطبت شخصا كما لو كان في سنّ 12 عند ذلك ستوحي إليه أنّه كذلك وهناك احتمال أن تكون إجابته أو ردّ فعله العفوي كشخص في سنّ 12 ". مقتطفات من دليل "الأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة.

6- مخاطبة العاطفة بدل العقل

التوجّه إلى العواطف هو الأسلوب الكلاسيكي لتجاوز التحليل العقلاني ، وبالتالي قتل ملكة النقد. وبالإضافة إلى أنّ استخدام السجل العاطفي يفتح الباب أمام اللاوعي ويعطّل ملكة التفكير، ويثير الرّغبات أو المخاوف والانفعالات.

7- إغراق الجمهور في الجهل والغباء

لابدّ من إبقاء الجمهور غير قادر على فهم التقنيات والأساليب المستعملة من أجل السيطرة عليه واستعباده. "يجب أن تكون نوعية التعليم الذي يتوفّر للمستويات التعليميّة الدنيا سطحيّا بحيث تحافظ على الفجوة التي تفصل بين النخبة و العامّة و أن تبقى أسباب الفجوة مجهولة لدى المستويات الدنيا"… مقتطفات من وثيقة "الأسلحة الصامتة لخوض حرب هادئة".

8- تشجيع الجمهور على استحسان الرداءة

تشجيع العامّة على أن تنظر بعين الرضا الى كونها غبيّة و مبتذلة و غير متعلّمة.

9- تحويل مشاعر التمرّد إلى إحساس بالذّنب

دفع كلّ فرد في المجتمع إلى الاعتقاد بأنّه هو المسؤول الوحيد عن تعاسته ، وذلك بسبب عدم محدوديّة ذكائه و ضعف قدرته أو جهوده. وهكذا ، بدلا من أن يثور على النظام الاقتصادي يحطّ الفرد من ذاته و يغرق نفسه في الشّعور بالذنب ، ممّا يخلق لديه حالة اكتئاب تؤثر سلبا على النشاط . و دون نشاط أو فاعليّة لا تتحققّ الثورة.

10- معرفة الأفراد أكثر من معرفتهم لذواتهم

على مدى السنوات ال 50 الماضية ، نتج عن التقدّم السّريع في العلوم اتّساع للفجوة بين معارف العامة وتلك التي تملكها و تستخدمها النّخب الحاكمة. فمع علم الأعصاب وعلم الأحياء وعلم النفس التطبيقي وصل "النظام العالمي" إلى معرفة متقدّمة للإنسان ، سواء عضويّا أو نفسيا. لقد تمكّن "النظام" من معرفة الأفراد أكثر من معرفتهم لذواتهم . وهذا يعني أنه في معظم الحالات ، يسيطر "النظام" على الأشخاص ويتحكّم فيهم أكثر من سيطرتهم على أنفسهم .



المصدر

الثلاثاء، 26 فبراير 2013

انتهاكات جديدة: شروط متشددة لحضور محاكمة الإصلاحيين


عاجل : المحكمة الاتحادية العليا تضع شروطاً متشددة لا تراعي قيم المجتمع والعدالة لحضور محاكمة الإصلاحيين #محاكمة_أحرار_الإمارات

١- يحضر المحاكمات لكل معتقل اثنين فقط من أهله ويشترط أن يكونا من الأقارب إلى الدرجة الرابعة ممن لاتقل اعمارهم عن ٢١ سنة

٢- في تعدي صارخ على قيم المجتمع وعلى الحرية الشخصية ستلزم النساء بكشف وجوههن طوال فترة المحاكمات، أليس هذا انتهاك لشرع الله وحرية الأشخاص ؟

٣- لن يسمح للحرائر اللواتي ادخلن في قضية الاصلاحيين الحضور الا مع محرم واحد فقط ، لماذا واحد فقط !


٤- من يرغب بالحضور عليه ارسال المستندات اﻵتية ،المرفقة في الصورة أدناه، وسؤالنا هل نحن في محاكم التفتيش أم ماذا؟ http://pic.twitter.com/jY7aqvVThu

٥- سيفرض على الأهالي الحاضرين التجمع في مواقف المجلس الوطني ثم ينقلون جماعيا بالباصات للمحاكمة، إجراء لم يحدث في تاريخ المحاكمات وتعدي سافر

٦- لن يسمح بدخول أي شيء إلى قاعة المحكمة باستثناء بطاقة التعريف الشخصية، لماذا كل هذا الرعب هل هو الخوف من تصوير ما سيحدث هناك للمجتمع

سيظل السؤال مطروحا لماذا هذه المبالغات بل الانتهاكات المخالفة لقيم المجتمع والعدالة أليس هذا تشدد يدخلها في دائرة المحاكمات السرية ؟

الإرهاصات للمحاكمة السياسية كلها تقود لاتجاه واحد وهو الحل البوليسي لا القانوني والمنطقي ، فإلى متى يطول سكوت حكماء الوطن المخلصون ؟



#أحرار_الإمارات
#محاكمة_أحرار_الإمارات
حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون ،،

الأحد، 24 فبراير 2013

هل ستكون المحاكمات عادلة ؟!


لماذا يكره المواطن العربي أجهزته الأمنية؟.. أسس ومقومات العلاقة الصحيحة بين الأمن والمواطن





* نبيل علي صالح
في هذه العجالة الفكرية سنحاول تسليط الضوء على واقع عمل الأجهزة الأمنية المنتشرة بكثرة في هذا العالم العربي الكبير، والتي هي في الأصل مؤسسات تابعة للدول وليست تابعة للأشخاص والنخب الحاكمة، لها هيكليتها الإدارية ومسؤولياتها المعروفة بنص الدستور والنظام الداخلي الناظم لعملها وسلوكها..
ولا نهدف من هذه المقالة إلى إثارة أي نوع من ألوان التحريض أو الشحن السلبي ضد تلك القوى والأجهزة المذكورة، أو إلغاء ضرورتها وأهميتها ودورها -كجهات أمنية مؤسساتية تعمل في ضوء الشمس وليس في الخفاء- في الحفاظ على استقرار البلدان وضمان أمن المجتمعات، والمساهمة الفاعلة –مع باقي المؤسسات- في بناء دول مدنية حضارية منيعة وحصينة بقوة القانون قبل أي شيء آخر..

وما نريده فقط هنا تصويب المسار الذي تتحرك عليه تلك الأجهزة، وتحديد الأولويات والاتجاهات القانونية الصحيحة لطبيعة عملها الراهن، والتركيز على الدور الوطني العام المنوط بها على مستوى حماية الناس والمجتمع وضمان أمن الأفراد وليس ضمان أمن النخب السياسية الحاكمة فقط.. خاصة بعد انزياحها عن تطبيق قوانينها الناظمة لعملها، وحدوث تحريفات وانحرافات كبيرة خطيرة على مستوى اشتغالها بالسياسة والاقتصاد والأحوال الشخصية للناس والمواطنين، ودخولها المباشر اللاقانوني إلى صلب عمل المؤسسات الاقتصادية، ونسيان (أو تناسي) دورها الرئيسي في حماية الأوطان والشعوب، وحفظ أمن الناس جميعاً من أعداء الخارج..

أسئلة واستدلالات أولية مطلوبة:

لعبت وتلعب أجهزة الأمن العربية دوراً مهماً وحيوياً في بناء وتشكيل ورعاية نمو بنى الدولة العربية التي ولدت بعد الاستقلال والتحرر من الاستعمار والانتدابات الخارجية منذ عدة عقود..
وبالنظر إلى هذا الدور والمكانة المركزية لتلك الأجهزة -التي حظيت برعاية مادية وتشريعية خاصة من زعامات تلك الدول- فقد نمت وتضخمت وتعمقت دوراً ووظيفةً ومصالح وولاءات وشبكات تنفيع زبائنية مثل النبات الطفيلي العاجز عن التطور والنمو إلا إذا تطفل واعتاش على نباتات أخرى، يأخذ منها نسغ النمو والحياة.. وهكذا كانت وعملت كثير من مواقع الأمن والشرطة السرية العربية على بناء قواها ودولها الخاصة من خلال امتصاص خيرات وموارد ونسغ الحياة الخاص بالدول (وما أكثرها وأعظمها من طاقات وثروات وموارد طبيعية وبشرية)، مما يؤدي باستمرار إلى تقلص وضعف وذبول ويباس مؤسسات شجرة الدولة العربية الأم ذاتها بمختلف مواقعها ومكوناتها وأجزائها.
ويلاحظ في كثير من الوقائع والأحداث السياسية التي تتحرك ويضج بها عالمنا العربي هذه الأيام والمنقولة إلينا عبر مختلف وسائط ووسائل الإعلام ووكالات الأنباء العربية والدولية، إن هناك نفوراً وكراهية وعداء شبه مطلق بين الإنسان العربي ومختلف قواه وأجهزته الأمنية وضمان أمنه وليس ضمان أمن النخبة الحاكمة فقط.. في مقابل وجود حالة عامة ومناخ إيجابي طيب من المحبة والوئام والوحدة الوطنية بين الجيش والشعب والذي يتمثل في هذا الشعار الذي طرح ويطرح في خضم تلك الانتفاضات والثورات العربية الراهنة “الشعب والجيش إيد واحدة”… بينما لم نجد أي ذكر طيب لكثير من القوى والعناصر الأمنية، بل وجدنا أن المتظاهرين في تلك البلدان قد رفعوا شعارات ولافتات الاستنكار والشجب والإدانة لمجمل أعمال القوى والأجهزة الأمنية.. وتجرؤوا عليها وصرخوا في وجه رموزها ونخبتها المهابة بعد عقود طويلة من وجود حواجز الخوف والرهبة..
ومن موقعنا كمتابعين ومراقبين ومحللين للأحداث، نحاول أن ننقل ونحلل بشيء من الموضوعية بعض الحوادث والمتغيرات التي لاشك بأن الكثيرين قد سمعوها أو شاهدوها على كثير من الشاشات الفضائية العربية والدولية هنا وهناك، حيث نسمع مثلاً ما حدث في غير بلد عربي عن أن أهالي هذه المدينة أو تلك البلدة –في هذا البلد العربي أو ذاك، من تلك البلدان التي شهدت أو لا تزال تشهد احتجاجات عارمة يتظاهر فيها الناس مطالبين بالتغيير- قد اتفقوا مع قياداتهم السياسية والعسكرية على منع دخول عناصر وأجهزة الأمن في مقابل السماح بدخول عناصر الجيش إلى داخل مدنهم وبلداتهم.. في دلالة على وجود مصداقية وحالة من الثقة مع مؤسسة الجيش الوطنية مقابل عدم وجود ثقة ولا أمان ولا ضمان مع مختلف الأجهزة والقوى الأمنية كما هو واضح من خلال هذا الإصرار والعناد الشديد من الأهالي على عدم السماح بدخول عناصر الأمن إلى مدنهم وقراهم..
والواضح لنا من خلال تحليل الكلمات والجمل المرفوعة واللافتات والشعارات المطروحة في كثير من تلك الاحتجاجات حتى الآن أن الناس خرجت للشارع لتعيد من جديد الاعتبار لوجودها، وتسترد –كما تزعم- حريتها وكرامتها في مواجهة سياسة الرعب والخوف والقبضة الحديدية والطغيان والقسوة المتبعة من قبل تلك الأجهزة الأمنية، في محاولة من الشعوب لكسر هذه السطوة والعنف الأعمى، والعودة للمشاركة في صنع مصائرها وسياساتها الداخلية واستراتيجيات عملها الخارجية بعد عهود طويلة من سيطرة مناخات الجفاء وأجواء الكراهية والقطيعة السياسية شبه الكاملة مع الشأن العام الذي قبضت عليه تلك الأجهزة الأمنية بقوة غير محدودة، واستعمال غير قانوني ولا إنساني لمختلف وسائل العنف، ومنعت الناس ومؤسسات الدولة الرقابية من الاقتراب منه، أو حتى مجرد التفكير بالدخول إلى ساحاتها الداخلية..
..ويا ترى ما هو سبب وجود هذه الحالة من العداء المستحكم وحالة القطيعة والعداوة شبه الأزلية بين هذين الفريقين (الشعوب والأمن)؟!! أليس أفراد عناصر الأمن في النهاية هم أناس عاملين، وليسوا شياطينَ ولا أبالسة بل هم بشر وأفراد موظفون لدى دولهم، يحصلون على معاشات ورواتب شهرية مثل باقي العاملين، نتيجة قيامهم بأعمال محددة لضمان أمن المجتمع وسلامة النظام العام في تلك البلدان؟ ثم لماذا حدث وظهر أصلاً كل هذا العداء في الأساس عندنا في العالم العربي فقط دون باقي البلدان والأمم حيث تسير الأمور بصورة طبيعية سلسة بلا مشاكل تذكر؟!، ولماذا فشلت عموم المجتمعات العربي وأجهزتها الأمنية العربية في مد جسور الثقة والمحبة بينهما على مدار عقود زمنية طويلة؟ هل السبب يكمن في عدم تنفيذ هؤلاء للقانون العام السائد وخرقهم له وعدم قدرة مؤسسات رقابية فاعلة لمحاسبتهم ومساءلتهم باستمرار؟ أو أن الخطأ يعود إلى أن طبيعة المواطن والفرد العربي بشكل خاص مغايرة لأي إنسان آخر، تكره القانون والنظام العام، وتحب المخالفات والاستثناءات بعد أن اعتاد عليها الناس هناك لفترات زمنية طويلة نتيجة وجود مناخ سياسي استثنائي عام صنعته وخلقته أنظمة الحكم الشمولية المحتاجة دوماً للقبضة الأمنية الحديدة لتثبيت وجودها وأركانها، وضمان هيبتها وتجذرها في تربة سياسية واجتماعية عربية عصبية صعبة المراس، فكان أن اشتغلت تلك النظم على الحالة الأوامرية السلطوية العلية البعيدة عن روح ومضمون القانون وعمل المؤسسات، أكثر مما اشتغلت على التأسيس للحالة المؤسساتية القانونية التي تجعل الجميع تحت سقف القانون من أعلى الهرم السياسي والمجتمعي حتى أدناه؟! أم أن الخلل والعطل واضح وضوح الشمس وهو كامن في طبيعة عمل تلك المؤسسات الأمنية التي تضخمت وكبرت في غفلة من الزمان بعيداً عن رقابة مؤسسات الدولة ومراقبة ومتابعة مختلف مواقع ومنظمات وهيئات المجتمع الأهلية والمدنية حتى باتت تثقل –بمصاريفها وإنفاقاتها اللامنظورة، وعدم محاسبتها ومساءلتها أمام الأجهزة المختصة- كاهل رموزها ورعاتها والمدافعين عنها، وأضحت تشكل أيضاً عبئاً حقيقياً على ميزانية تلك البلدان؟!!
أسئلة مهمة ولا شك، بدأت تعلو على سطح الأحداث من جملة أسئلة أخرى، ونعتقد أن الإجابة العملية عليها تتمظهر من خلال ما نشاهده من هذا الإصرار الشديد لدى الناس والنخب السياسية والفكرية في تلك البلدان على بناء دول القانون والمؤسسات، والتأسيس الجدي للبناء الديمقراطي المدني التعددي المتين بعيداً عن روح العصبية الدينية وغير الدينية المتحكمة بكثير من مفاصل ومواقع العمل السياسي وغير السياسي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.. هنا يكمن الحل الحقيقي الجوهري لمؤسسات الدولة كلها بما فيها المؤسسة الأمنية التي لاشك أنها تبقى أساسية هي وغيرها بالنسبة لأي مواطن، كونها يجب أن تعمل على ضمان أمنه، ومد مظلة وشبكة أمان مجتمعي عام فوقه، بشرط عدم التدخل في حياته وشؤونه وأعماله وخصوصياته، لابتزازه وتهديده.. وطالما أنها تحت سقف القانون والنظام القانوني العام في أي بلد، فستكون مؤسسات مفيدة مثمرة وستحظى بمحبة الناس التي سيتعاملون معها بالقانون الناظم لعمل الدولة ومختلف مؤسساتها ومن ضمنها المؤسسة الأمنية المكروهة والمتهمة والمدانة حتى الآن من قبل الفرد العربي..

أمن الوطن يأتي فقط مع دولة العدل والحرية والمؤسسات:
وهكذا فعندما تبنى دولة المؤسسات والقانون التي يتنافس ويتسابق فيها الناس والمسؤولين والأحزاب لخدمة الصالح العام، يمكن أن تبنى رؤى جديدة لطبيعة عمل تلك القوى الأمنية، كما ويتم ترسيم حدودها قانونياً بالكامل، لتصبح خاضعة للقانون وحكم المؤسسات، ومراقبة من قبل أجهزة الدولة الرقابية، ولا تأتمر بأوامر الأشخاص والأفراد المتنفذون هنا وهناك، ولتتم مساءلتها ومحاسبتها علناً وباستمرار أمام البرلمان أو غيره من المؤسسات الرقابية العليا..
إن صياغة قانون جديد للأمن العام هو أكثر من مطلوب، بحيث يمكن من خلاله تنسيب الأفراد إلى هذه المؤسسة بطرق جديدة، على أن يتم إجراء دورات تدريبية حقيقية لرجالات الأمن في كيفية التعاطي الإنساني الحضاري مع الفرد-المواطن وليس الفرد-الرعية؟ كما يمكن أن تتحدد مسؤولية عمل تلك الأجهزة في بناء وإشادة مظلة أمان مجتمعية فوق المجتمع كما ذكرنا، لحماية الناس من أعداء الخارج، وعدم التدخل بمصائر وشؤون الأفراد والمؤسسات الداخلية، حيث أنه في هذه الحالة فقط يكون عمل تلك المؤسسات أقل تكلفة مادية ومعنوية للوطن والمواطن..
ومن خلال هذا القانون الجديد نضمن أيضاً خضوع رجالات ومؤسسات الأمن الذي لا نشك في ولاء ونزاهة ووطنية الكثيرين منهم لبلدانهم، للقضاء والقانون والمحاسبة والمساءلة أمام السلطات القضائية والتشريعية مثلهم مثل باقي الناس الموظفين في دوائر حكوماتهم بعيداً عن هذه الحالة المتفشية حالياً التي يراها الناس جميعاً حيث تركت الساحة للكثير من تلك العناصر لكي يسرحوا ويمرحوا على هواهم في تدخلاتهم المباشرة في حياة الفرد والمؤسسات، فكانت النتيجة أن تلك الحالة من المناخ اللاقانوني وعدم ترسيم حدود وعلاقة الأمن بالناس والمؤسسات، قد سمحت لهم بالنفاذ الآمن السهل وغير الخاضع لأي معايير قانونية إلى صلب وتفاصيل عمل المؤسسات والشركات والمواقع الاقتصادية من أدناها إلى أعلاها، الأمر الذي ترتب عليه سلبيات كثيرة تركزت حولها وفيها كثير من قضايا وملفات الفساد التي أزكمت الأنوف هنا وهناك التي تورطت بها تلك الأجهزة في غير مكان وزمان، ولم يترتب عليها محاسبة قانونية عادلة حتى الآن!!؟!!..
وهذه هي ربما النتيجة الطبيعية لهيمنة قوانين الطوارئ الاستثناء التي سادت لمراحل زمنية طويلة في بلداننا العربية، ولا يزال كثير منها قائماً بشكل وبآخر، بحيث أنها جعلت من تلك الأجهزة ممسكة بتلابيب الدول وقابضة على أمرها وحياتها وموتها بصلاحيات (قانونية!!) واسعة لا حدود أو ضوابط لها، أي من دون وجود قوانين حقيقية وليس ديكورية شكلية تحاسبها وتسائلها، بل هناك فعلياً في بعض البلدان العربية قوانين ونظم تشريعية تحمي تلك الأجهزة والقوى الأمنية من المساءلة والمحاسبة إلا فيما ندر من حالات..

لا أمن واستقرار بلا حرية فردية حقيقة:

ولابد لنا من الإقرار هنا أن الأجهزة الأمنية العربية –التي شكلت الحامي والدرع الواقي لأنظمة الحكم السياسي العربي- تمكنت على مدار عقود من الزمن من تحقيق وتكريس معادلة سياسية-مجتمعية تقوم على قاعدة الاستقرار في الاستبداد.. وهي نجحت في ذلك نجاحاً يحسب لها، حيث ساهمت تلك الأجهزة في تطويل فترة حكم أنظمة حكمها السياسية بالاستناد إلى تلك المعادلة القائمة على كم هائل من مفاهيم ووسائل الضبط والردع والكبت والقسر والضغط والفرض وكم الأفواه.. ونجاحها استند أيضاً على هذه المساومة والمفاضلة التاريخية بين بقائها كضامن للاستقرار أو رحيلها الذي سينتج الفوضى والخراب والدمار، ويفتح المجال للدخول في أجواء الحروب والصراعات الأهلية..
ولكن التغيرات الجذرية التي شهدتها منطقتنا العربية زلزلت أركان تلك المقولة وأعادت الاعتبار من جديد لمقولة الحرية مع الاستقرار، وأكدت على جوهرية ومركزية الاستقرار والحرية والكرامة والعدالة والأمن كغايات نهائية لكل نضالاتها وانتفاضاتها العارمة.. وأن الفرد-المواطن لا الفرد-العبد هو جوهر الاجتماع الديني والسياسي، وأن الحاكم هو مجرد مواطن سلمه الناس السلطة، وبالتالي فهو في موقع الخادم لهم لحين من الزمان وليس لكل زمان، ووظيفته تنحصر في الحفاظ على مصالح المجتمع، وليس لسيطرة عليه أو الاستبداد بأفراده ونهب ثرواته وموارده..

تقييد وقوننة عمل السلطة الأمنية:

إن كون الأمن جزء مركزي من منظومة السلطات العسكرية والبلدان ذات الطابع الشمولي المركزي، وهو معني بالمحافظة الكاملة عليها والدفاع المستميت عنها، وإخفاء عيوبها والتعمية على أخطائها، وتسمية الأشياء فيها بغير مسمياتها الحقيقية، في سياق دفن المشكلات والمعضلات الداخلية في تلك البلدان، والتظاهر بعدم وجودها عبر استخدام مختلف وسائل العنف والضغط والإكراه، نظراً لتداخل وتراكب وتجذر شبكات المصالح والمنافع وتبادل الأدوار والمواقع النفعية الشخصية والعلاقات الزبائنية في تلك البلدان على حساب مستقبل ومصالح الناس والمجتمع ككل، فلن تقوم لدولة القانون والمؤسسات والعدالة والمدنية قائمة بأي صورة من الصور، ولن يكون لوجودها أي معنى بالبعد المؤسساتي الحقيقي، لأنه وكما قالوا قديماً، “السلطة المطلقة، مفسدة مطلقة”.. وهذه تعمي القلوب والأبصار، وتجعل كثيراً ممن هم في مواقع المسؤولية والقرار الأعلى في حالة من الخدر والسكر الشديد تفقدهم صوابهم وقدرتهم على اتخاذ القرارات الصائبة التي تعود بالنفع للصالح العام في كثير من الأحيان، خصوصاً إذا كانت لدى هؤلاء أساساً استعدادات للجنون والهوس الذاتي مثل صاحبنا “القذافي” أو “صالح” أو غيرهما..
من هنا ضرورة وجود قوانين ونظم تضبط وتقيّد سلوك وحركة وعمل تلك المؤسسات الأمنية، وتلزمهم بالخضوع القانوني التام للسلطات التشريعية والرقابية والقضائية، وتجعل الإعلام الحر قادر على الوصول الآمن إلى غرفهم السرية للكشف والتعرية والعرض والفضح أمام الرأي العام الذي من حقه الإطلاع الدائم عما يجري في مؤسسات شبه مخفية تعمل في الظل، ويصرف عليها المواطن من أمواله وضرائبه التي يدفعها للدولة..
وهذه هي الفائدة الكبرى من فكرة توازن السلطات، وفصلها عن بعضها، ورسم معالم واضحة لحدودها وعملها، وأن يكون جميع الناس تحت سقف القانون والوطن وليس فوقه!!..
في النهاية نؤكد ونذكر أن غاية المقالة هو تسليط الضوء على الخلل البائن القائم في العلاقة بين المواطن العربي وبين مختلف أجهزته الأمنية التي اشتغلت وتشتغل –في كثير م الأحايين- عليه بدلاً من أن تشتغل معه وتعمل لصالحه.. وهذه العلاقة للأسف لا تزال غير مبنية على القانون بل خاضعة لاعتبارات أخرى تتضارب فيها الأنظمة النافذة بقوانين الطوارئ بالحالة المزاجية لهذا الجهاز الأمني أو ذاك..
من هنا حاجتنا الملحة لتصويب المسار، والبدء بزمن المحاسبة الحقيقية لتصحيح وقوننة تلك العلاقة لصالح الوطن والمواطن بما يضمن مشاركة الناس في بناء دولهم وعدم بقاء عنصر الخوف والرعب من تلك الأجهزة قائماً ومهيمناً على علاقة الناس بمؤسساتهم وبلدانهم..
فرجل الأمن هو -في النهاية- إنسان ومواطن مثل باقي الناس، ولكن بالنظر لحساسية موقعه ودوره، لابد من خضوعه التام والكامل للقانون والنظام والمؤسسات كي يكون عمله متوازناً ونافعاً للصالح العام وليس للنخبة فقط.

© منبر الحرية،21 سبتمبر/أيلول2011

المصدر

الجمعة، 22 فبراير 2013

أدب السجون والتعذيب


 زهير قوطرش



عندما يهبط الظلام ويسود الهدوء في أنحاء المعمورة، ويأوي الناس إلى مضاجعهم، يحملون معهم أحداث يومهم المنصرم همومه ,أفراحه وأحزانه. في تلك اللحظات يحلو لي السهر مع صديق عمري ،كتاب أحبه ويحبني أقلب صفحاته أتحدث إليه ويحدثني ،ونعيش في حالة وجدانية نتبادل معها خبرة العمر وتجارب السنين. وفي إحدى الأمسيات قررت أن أترك صديقي لاختلافي معه في الرأي، وضعته جانبا وبدأت استعرض قنوات التلفاز.و فجأة ومن على إحدى الفضائيات, استوقفني عنوان البرنامج التلفزيوني "أدب السجون  أو أدب التعذيب في السجون العربية "،تابعت الحلقة باهتمام بالغ، وكنت لا اصدق ما أسمع عن حالات التعذيب , الذل والقهر, والانتهاك للكرامة الإنسانية, وخاصة في سجون إحدى الدول العربية . ليس من الضروري تسمية تلك الدولة باسمها الحقيقي لأنه بالإمكان أن نسقط أسمها على أسماء كل الدول العربية بدون استثناء فيستقيم المعنى . عشرات السنين قبع هؤلاء المساكين في غياهب السجون بدون محاكمة, وبدون أدنى حق في الدفاع عن أنفسهم، سُجنوا بذرائع لا يقبلها العقل ولا المنطق. التهمة الوحيدة التي وجهت إليهم ، أنهم كانوا أصحاب فكر وأصحاب عقيدة ، حاربوا الفساد والظلم والاستبداد وطالبوا بالإصلاح وتصحيح المسار وكما يقال ,(معارضة سلمية شريفة). تأثرت في الحقيقة لدرجة البكاء وخاصة عندما سمعت معاناة بعض السجناء وما تحملوه من صنوف القهر والتعذيب التي لم أسمع عنها من قبل إلا في سجون النازية والفاشية أو في الوثائق التاريخية من أرشيف الشعوب القديمة الهمجية, السجن ترك على هؤلاء أثاراً بدنية ونفسية سيحملونها معهم الى العالم الأخر ,وليت الأمر توقف عند معاناتهم الشخصية بل تعدى ذلك الى معاناة أمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم أثناء وبعد فترة السجن. وكنت أحدث نفسي عندما سمعت منهم صنوف التعذيب والقهر واللواط الذي مورس عليهم ,هل يعقل أن يتحول الإنسان ضد أخيه الإنسان إلى هذا المستوى الحيواني. لا فرق عند السلطة الأمنية وأسيادهم ممن أعطوا الضوء الأخر لهذه الممارسات بين رجل وامرأة فقدوا النخوة والشهامة والشرف وانحطوا إلى أدنى مستوى يمكن أن يصل إليه الإنسان في هذا العصر من قسوة وسادية. 



بعض نماذج من أشكال التعذيب


تحدث أحد المعتقلين بقوله: "خلال هذه الأيام (يتحدث عن حملة تم تعذيب بعض المساجين بشكل جماعي).كان المُعتقل يُرغَم على البقاء واقفاً ليل نهار ممنوعاً من النوم تحت طائلة الضرب مجدداً,وخلال الأربعة والعشرين ساعة كانت تقدم له وجبة غذاء واحدة تقتصر على بضع حبات من الزيتون .وكان العطش هو الوسيلة الأكثر إيلاماً,إذ تمر ساعات وساعات دون تقديم قطرة ماء,لدرجة أن المرء كان يضطر إلى لعق الماء الذي يلقى عليه أثناء الجلد بلا رحمة ,ليشعر بعد ذلك بمزيد العطش لاختلاط الماء بتراب الأرض".

وقد كتبت إحدى سجينات الرأي بمذكراتها.  "إنني قد أنسى أنكم علقتموني يوماً من رجليَّ,مخالفين في ذلك كل تقاليد بلادنا العربية, وأن جلادكم قد انهال عليَّ ضرباً بالسياط حتى أدميت قدماي.وقد تمحى من ذاكرتي صورة ذلك الوحش الذي جرني من شعري على ارض السجن , ولكني لا أنسى مدى الحياة أنكم حاولتم أن تطعنونني في شرفي ,وفي كرامتي وأخلاقي......" .

بعض المساجين .تحدث عن حالات التعذيب بواسطة صعقات التيار الكهربائي ,أو الضرب حتى فقدان الوعي .أو إحضار الزوجة أو البنت والتهديد بممارسة الجنس معهن أمام عيون السجين إذا لم يوقع على كتاب الإذعان والتعاون مع السلطة وذلك ضد قناعاته ومبادئه.أو سجنهم في غرف إفرادية لسنوات في ظروف غير إنسانية .كل هذا حصل ويحصل في عالمنا الذي ندّعي أنه عالم الرحمة.

هذه أمثلة بسيطة لعدد لا يحصى من حالات التعذيب,والتي صار لها في ثقافتنا أدباً ,أسمه أدب ثقافة التعذيب في السجون العربية. كُتب فيها مؤلفات ,عالجت حالات أقل ما يقال فيها أنها إن دلت على شيء فإنها تدل على عقم وانحطاط إنسانية الحكام والقائمين على مثل هذه الممارسات.

تاريخ التعذيب


التعذيب ليس ابن اليوم, بل له تاريخ طويل منذ آلاف السنين قدَّرها بعض علماء الاجتماع إلى ثلاثة آلاف سنة تقريباً .كل الحضارات كانت تمارس التعذيب .الفرعونية التي بنت الأهرامات مارست اشد أنواع التعذيب ، كان يؤتى بالمعارض أو المتهم أمام الكاهن وعلى طاولته كتاب البراءة وكتاب الاتهام ويطلب من المسكين وضع يده على أي كتاب يختاره (ديمقراطية) فأن وضعها على كتاب الاتهام نفذت فيه عقوبة التعذيب والموت حتى ولو كان بريئاً . ,وإن وضعها على كتاب البراءة تمت تبرئته حتى ولو كان مجرماً ،لأن الكاهن لا يخطئ. والحضارة اليونانية لم تكن أكثر إنسانية من الفرعونية. فأفلاطون صاحب الجمهورية كان يقول العبد لا يتكلم إلا أذا تألم. وقسموا البشر الى أسياد وعبيد والآخرون. السيد لا يعذب مهما أجرم , فقط يدفع غرامة مالية . وكم عُذبَ العبيد والآخرون بدون رحمة وبدون شفقة هذه حال الحضارات القديمة، وقد دفعت ثمن ظلمها وتعسفها كأفراد وكأمة (فهل من متعظ) 
وليس حالنا الآن مع كل أسف، وخاصة في عالمنا المذكور بأفضل من الحضارة الفرعونية واليونانية .رغم المسافة الزمنية الفاصلة ، كل ما هنالك تعددت وتغيرت وسائل التعذيب حتى وصلت الى درجات تستطيع الأجهزة الأمنية أن تتفاخر وأن تحصل على جائزة نوبل للتعذيب في العالم.وهذا كله على مرأى من السلطة السياسية وعلى مرأى من رجال الفكر وعلماء الدين وخطباء المساجد (الصامتون).أمر غريب جدا!!ًالساكت على الظلم هو بمثابة الظالم.
 
التعذيب والمعاهدات الدولية


ثقافة التعذيب هي حالة قديمة حديثة تمارس بحق الإنسان دون مراعاة لا للقوانين الإلهية ولا إلى القوانين الوضعية. وللأسف هي مستمرة إلى يومنا هذا والى ما شاء الله. هناك 150 دولة من دول العالم يمارس فيها التعذيب بحق مواطنين معارضين معارضة سلمية ضد سياسة حكوماتهم الاستبدادية . أي ثلثي دول العالم تُنتهك فيها كرامة الإنسان مع العلم أنها جميعها وقعت على معاهدات منذ عام 1948 تحت عنوان مناهضة التعذيب. لكنهم منذ ذلك التاريخ وهم يحتالون عليها إما بشرعنتها تحت غطاء قانوني أو تأويلها بما يتناسب ومزاجية السلطة السياسية والأمنية ,والإنسان هو الكائن الوحيد المؤول ، هو يستطيع تأويل النص والقانون والمعاهدات بشكل يستطيع معه دخول باب, وخروجه من ألف باب.
كيف يمكن للإنسان أن يتردى أو ينزل إلى هذا الحضيض حيث يموت فيه الضمير الإنساني ويتحول الى أقذر الحيوانات. شيء لا يصدق! 


وجهة نظر


وما القول في الجلادين الذين يعذبون الناس ومن يقف وراء الجلادين ويعطيهم الأوامر ويزين لهم عملهم, شيء مخيف أن يصبح التعذيب ثقافة شرعية ابتلت فيها هذه الأمة إنها ثقافة الظلم الذي لا حدود له. فهل تأصلت هذه الثقافة في عالمنا ؟

انها لم تأتي من فراغ . فأنني مازلت أتذكر المدرسة الابتدائية التي مازال ُيمارسُ فيها التعذيب بحق الأطفال حتى في عالمنا اليوم عالم(الرحمة) كما يقال ،الأستاذ هو الجلاد، يمارس ضرب الأطفال بأبشع أنواع السادية .الآباء مع كل أسف يشهدون هذا الظلم بحق أبنائهم وهم يرددون ( اللحم لك يا أستاذ والعظم لنا)أو (ما ُكسر يا أستاذ نحن نجبره) ما هذه الثقافة؟ كيف يمكننا قبول ذلك؟ وماذا سيكون حال هذا الطفل عندما يكبر؟ ،سيحمل معه أثار هذا الظلم والتعذيب ليُفرغ جم غضبه وحقده إذا تمكن وصار في موقع المسؤولية على من يقع ضحية بين يديه .الزوج العربي والمسلم في الكثير من الحالات، مع كل أسف هو فرعون في بيته يمارس التعذيب بحق أولاده ,وإذا تدخلت زوجته المسكينة لتحمي الأولاد من ظلمه يقول لها إذا كنت لا تصبرين على ذلك تحملي عنهم، وتقبل طائعة حماية للأطفال فيجلدها ليشبع ساديته وعقده النفسية التي حملها من مدرسته وظلم أبيه في صغره ,الجلادون ينفذون أوامر أسيادهم بحق أعداء الشعب ( المعارضة) ، ً ولكنهم بالوقت نفسه ينتقمون من الماضي الذي أذلهم، صاروا عبيداً من دواخلهم لهذه الثقافة والعياذ بالله. 

وما هو الحل إذن ؟


الالتزام بالمعاهدات الدولية ! لا أعتقد ذلك !!!!! لأن التشريعات الوضعية في عالمنا لا معنى لها على الإطلاق فنحن أي حكامنا على استعداد لتوقيع ألف معاهدة لتصبح في النهاية حبر على ورق إذا لم نجد آلية المحاسبة وآلية تناوب السلطة وتفعيل منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان التي عليها فضح هذه الأساليب وفضح القائمين عليها لمحاسبتهم عاجلاً أم أجلاً.

جولة قرآنية في مدلولات الصبر


د.سلمان العودة

الصبر ضرورة من ضرورات الحياة، فإنه لابد من البلاء لكل إنسان، فمن رضي واحتسب كان على خير، ومن سخط مر عليه القدر وكُتب غير صابر، والصبر أنواع يجب معرفتها، وهو درجات، وأحوال الناس فيه مختلفة، وللناس فيه نماذج مشرقة في الأنبياء والصالحين، والجنة لا يلقاها إلا الصابرون.

قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "ذكر الله تعالى الصبر في تسعين موضعاً"، قال ابن القيم في مدارج السالكين: "وهو مذكور في القرآن على ستة عشر نوعاً"، ثم أوصلها في عدة الصابرين إلى اثنين وعشرين نوعاً، ومن هذه الأوجه والأنواع التي جاء ذكر الصبر فيها في القرآن والسنة، منها على سبيل الإجمال لا على سبيل التفصيل:- الأمر بالصبر: كما قال الله تعالى: (فَاصْبِرْ) في مواضع كثيرة والنهي عن ضده، وما هو ضد الصبر؟ الجزع ضد الصبر: إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلاَّ الْمُصَلِّينَ [المعارج:19-22]

إن الاستعجال ضد الصبر، قال الله تعالى فاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ الأحقاف:35، فاستعجال الخطوات، والطريق، والعذاب الذي ينـزل بالكافرين كل ذلك نقيض الصبر، والله تعالى أمر رسله الكرام بالصبر ونهاهم عن الاستعجال، ولهذا جاء في الصحيحين أن الصحابة رضي الله عنهم اشتكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقالوا: )ألا تدعو لنا؟ ألا تستنصر لنا؟ فقال لهم عليه الصلاة والسلام إن من كان قبلكم كان يحفر له في الأرض فيوضع فيها، ثم يمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يثنيه ذلك عن دينه، ويشق نصفان لا يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يصير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله تعالى والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون).

فالاستعجال نقيض الصبر. واليأس نقيض الصبر قال الله تعالى : إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف:87] أما المؤمن فصبور مؤمن بوعد الله تعالى لا يجد اليأس إلى قلبه سبيلاً.
والاستخفاف نقيض الصبر،قال الله تعالى: وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [الروم:60].
وكذلك الاستفزاز قال الله تعالى: وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ [الإسراء:76] .
والفتنة عن المنهج والطريق قال الله تعالى: وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [الإسراء:73].
أما الصبور فهو لا يراوح في مكانه، صابر يموت مثلما تموت الشجرة، بقوتها وقامتها وصبرها وثباتها تواجه الرياح والعواصف والأعاصير والرمال والنكبات، وهي ذات جذع غليظ ضارب في التربة راسخ لا يتزعزع ولا يتزلزل، ولا تنكفئ به الرياح ذات اليمين وذات الشمال.فهو لا يجزع؛ إن مسه الخير صبر وشكر، وإن مسه الشر صبر وثبت، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (عجباً لأمرالمؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) . ولذلك جاء في الأثر "إن الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر" فالصبر في الضراء والشكر في السراء، قال عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه: "لو أن الصبر والشكر كانا جملين ما أبالي أيهما ركبت" إما أن يبتلى فيصبر أو أن ينعم عليه فيشكر.


فالمؤمن لا يجزع ولا يستعجل الخطوات، ولا يستبطئ النصر، ولا ييأس من روح الله، ولا يستخفه الذين لا يوقنون فيحملونه على أن يترك منهجه، أو ييأس من طريقه، أو يشكك في دعوته، أو تأتيه الظنون وتراوح به الخواطر في قلبه، فيشك فيما وعد الله، وما وعد الله تعالى حق وصدق: ولَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً [الأحزاب:22] .

ولايستفز المؤمن فيستعجل طريقه، أو يبطئ في خطواته، أو يترك منهجه، أو يفتن عن شيء منه. ومن الصور الواردة في القرآن الكريم، أن الله تعالى علق الإمامة في الدين بالصبر واليقين، قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] قال سفيان :"بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين"، وكذلك علق الله تعالى به الفلاح، وأخبر أنه يحب الصابرين، وأنه مع الصابرين، وأنه تعالى جعل الصبر عوناً وعدة، وأمر بالاستعانة به في كل نازلة تنـزل بالعبد، مصيبة دنيوية أو دينية، أو هم أو غم أو كرب أو حزن، كما قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:45-46] .

وبين سبحانه أن الصبر مع التقوى سبب للنصر والثبات، كما قال سبحانه: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيئَاً [آل عمران:120] وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {واعلم أن النصر مع الصبر} وأخبر أن الصبر جنة عظيمة من كيد العدو، كما قال الله فيما سبق: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ [آل عمران:120] فلم يتوقف كيدهم ساعة من نهار.

اليهود والنصارى والمشركون والوثنيون، وسائر أعداء الدين ما فتئوا يكيدون لهذا الدين ويحاربون أهله، ويرسمون الخطط سراً وجهارا بالتكفير والتضليل والتجويع والتفريق بين المؤمنين، لكن الله تعالى جعل الجنة والعصمة للصابرين المتقين، وأخبر أن ما حصل للأمم السابقة من التمكين والنصر والتثبيت في الأرض إنما هو بصبرهم، كما قال سبحانه: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ [الأعراف:137].

فهؤلاء الطغاة الذين كادوا ودبروا وصنعوا وتآمروا دمر الله تعالى عليهم تدميراً، وللكافرين أمثالها: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ [الأعراف:137] وعلى غيرهم من الأمم المؤمنة بما صبروا، فنصرهم الله تعالى ومكن لهم في الأرض، وجعل الله تعالى ما حصل لنبيه يوسف عليه الصلاة والسلام من العز والتمكين في الأرض بعد البلاء والغربة وما جرى له في قصر العزيز إنما هو بصبره وتقواه: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فإن اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف:90].

وجمع للصابرين من الأمور ما لم يجمع لغيرهم، قال سبحانه: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:45-46] أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157] .

ثم أخبر عن مضاعفة الأجور للصابرين وأنهم يجزون بأحسن أعمالهم: وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:96]،ورتب الأجر الكبير والمغفرة على الصبر والعمل الصالح: إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [هود:11]، وأخبر سبحانه أن الملائكة تدخل عليهم يوم القيامة من كل باب تسلم عليهم، وتهنيهم بالأجر العظيم والثواب الجزيل الذي حصل لهم بصبرهم: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23-24].

وجعل الصبر على المصائب من عزائم الأمور الذي ينبغي على كل امرئ مسلم رجلاً أو امرأة كبيراً أو صغيراً أن يلجأ إليه ويسعى له: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43] كما أخبر أن خصال الخير والحظوظ العالية لا يلقاها إلا الصابرون: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا [فصلت:35]

كما أخبر سبحانه أن خصال الخير كما ذكرت إنما ينالها الصابرون وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:35]،وذكر أن الذين ينتفعون بالآيات ويعتبرون هم أهل الصبر والشكر: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور [لقمان:31]،ثم اثنى على بعض عباده بالصبر؛ كما اثنى على أيوب: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً [ ص:44] ، وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: " وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر" وقال عليه الصلاة والسلام: "ومن يتصبر يصبره الله "وقال في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري: "والصبر ضياء" ضياء ينير لك الظلام، ويمهد لك الطريق، ويفتح لك السدد والأبواب بإذن الحي القيوم الوهاب.

وما يلقاها إلا الصابرون

وإذا كان الصبر ضرورة للمسلم العادي فما بالك بالداعين إلى الله تعالى، أو المجاهدين الصابرين في سبيله، إنهم أحوج إلى الصبر، وكيف لا يحتاجون إلى الصبر وهم يواجهون ألواناً من الأعداء الظاهرين والمستترين.

فمن أعدائهم المحادون لله ورسله، النابذون شريعة الله تعالى وراءهم ظهرياً، من أهل التمكين والنفوذ الذين يحاربون السنة وأهلها، لعلمهم أن التمسك بالإسلام يهب المسلمين الاستعلاء والعزة والتحرر من العبودية للمخلوقين، أو الخوف منهم، وهذا يحملهم على رد الباطل على أهله، حتى ولو كان أهله هم السادة والقادة، وأن التمسك بالإيمان يجعلهم أمة واعية داعية متميزة، عارفة بحقوقها التي يجب أن تصل إليها، عارفة بواجباتها التي يجب أن تؤديها، فهي لا تجهل حقها فتقصر عن المطالبة به، ولا تجهل واجبها فيلبس عليها بجعل ما ليس بواجب واجباً، لعلمهم أن التمسك بالإسلام يجعل المسلمين أمة عقيدة لا يقر لها قرار؛ إلا بتطبيق شريعة الله تعالى في أرضه، فالمسلمون ليس همهم -مثلاً- الرفاهية المادية فحسب، ولا همهم فقط التيسيرات الدنيوية فحسب، وإنما همهم الأول والأخير أن تطبق شريعة الله تعالى في عباده.

ولعلمهم أن التمسك بالإسلام الصحيح يحملهم على القيام بالقوامة على المجتمع ومراقبة سيره، ومعالجة انحرافه، ومقاومة القوى الخفية العلمانية التي تسعى إلى إضلال الناس وتخريب عقولهم وأديانهم، وإغراقهم في الشهوات، وهذه شريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهر بكلمة الحق، والقيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى، وهؤلاء المتسلطون على المسلمين يعملون على إغراء العلماء والدعاة بالمال والمنصب والجاه، وسائر الحظوظ الدنيوية لصرفهم عمَّا هم عليه، وواجب العالم والداعية حينئذٍ الصبر ومقاومة الإغراء، كما يتعرض العالم إذا استعلى على المادة والإغراء يتعرض للتهديد والتخويف والتضييق، وربما أخرج من بلده، أو أوذي أو قتل أو أوذي في نفسه أو أهله أو ماله، ولا بد من احتمال ذلك كله في الضراء والسراء.

ومن ألد أعداء المؤمنين حملة المذاهب الأرضية، الذين يستخدمون كل سبيل لنشر مذهبهم، كالإذاعة والتلفاز والجريدة والمقالة والقصة والكتاب والديوان والشعر وكل سبيل، وقد أصبحت اليوم وسائل كثيرة مما يتمكنون بها أن يخاطبوا المسلمين، وغالب هؤلاء قد تشبعوا بالمبادئ الغربية أو الشرقية، وتربوا عليها خلال فترة دراستهم أو طلبهم؛ ومُنُّوا بالأماني الباطلة أن الدولة ستكون لهم، وأنهم سيتمكنون من قلب الأوضاع السياسية في العالم الإسلامي، والأوضاع الفكرية والاجتماعية وصياغتها وفق ما يريدون، وهم يعلمون أن الخطر الحقيقي على مخططاتهم من دعاة الإسلام وعلمائه الصادقين، الذين يستفرغون جهادهم وجهدهم وطاقتهم في تجديد أمر الدين والدعوة إليه.

فيسعى هؤلاء العلمانيون وغيرهم جاهدين إلى الحيلولة بين العلماء وبين الأمة، بتشويه سمعتهم، وإلصاق التهم بهم، فهم حيناً يصفونهم بالجمود والتخلف والرجعية، وحيناً يصفونهم بأنهم متطرفون إرهابيون، أصوليون، وحيناً يصفونهم بأنهم يسعون إلى قلب الأوضاع، والسيطرة على مقاليد الأمور والوصول إلى مقاليد الحكم، وأنهم لا يريدون ديناً ولا إصلاحاً ولا أمناً ولا إيماناً وإنما همهم الدنيا ووظائفها ورئاساتها.وحيناً يتهمونهم بأنهم خطر على الأمن، وأنهم سوف يمزقون المجتمع إلى شيع وأحزاب وطوائف.ويستغلون في ذلك سائر الوسائل التي يسيطرون عليها، من أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والصحافة والكتابة وترويج الإشاعات وغير ذلك مما قد أصبح معروفا ًمكشوفاً، ولعل هؤلاء الذين يحاربون الدعوة داخلون فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة الشهير: "دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قال حذيفه: صفهم لنا يا رسول الله؟ قال: قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا} قال ابن حجر قال القابسي: "معناه أنهم في الظاهر على ملتنا؛ وفي الباطن مخالفون لنا".

ومن أعداءالمسلم أصحاب الفرق والأهواء من الفرق الضالة المخالفة للسنة، كـالصوفية والباطنية بشتى فرقها وشيعها، والمعتزلة وغيرهم، فهؤلاء منهم، وهم على الباطل بلا خفاء وهم يلبسون الحق بالباطل، فيغتر الناس أحياناً بما معهم من الحق، ويقبلون كل ما عندهم من حق أو باطل بلا تمييز.

وكثيراً ما تقف هذه الطوائف الثلاث: الحكام المتسلطون، ودعاة المذاهب الأرضية من العلمانيين وغيرهم، وشيوخ البدعة والضلالة وأتباعهم، يقفون في خندق واحد ضد السنة وأهلها، ويتعاونون في تضييق الخناق على أهل الحق والاتباع حتى يصل الحال إلى ما قيل: وأي اغتراب فوق غربتنا التي لها أضحت الأعداء فينا تحكمُ وهناك الأعداء الخارجيون من اليهود والنصارى والمشركين، الذين هم أشد عداوة وكيداً ومكراً وخبثاً، وبيدهم اليوم مقاليد الإعلام والاقتصاد في العالم، وبواسطتها يؤثرون تأثيراً بالغاً في سياسات الدول الشرقية والغربية، ولهم جمعيات سرية، ومنظمات خفية يتحركون باسمها حتى في بعض البلاد التي تتظاهر بحرب اليهود والنصارى، تجد أن لهم الماسونية، وشهود يهوه، ونوادي الروتاري، وبعض الجمعيات النسائية، والجمعيات الفنية، والجمعيات الرياضية، والنقابات وغيرها، ومثلهم النصارى أيضاً وهم حلفاء اليهود الذين يهيمنون على بلاد الغرب كـأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بل وروسيا، يحاربون المسلمين علانية في كثير من البلاد.

أنواع الصبر الضروري

إن الصبر على الدين لا بد منه، ومن لم يكن عنده صبر لا يكون عنده إيمان، وكلما ترقى العبد في مدارج العبودية والجهاد، واشتدت عليها التكاليف وثقلت وطأتها زادت حاجته إلى الصبر، وكلما فسدت الحياة وأسن المشرب، واستحقرت غربة الدين، وقل الأنصار، وكثر الأعداء والمناوئون والكائدون، زادت الحاجة إلى الصبر، حتى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في حديث أبي ثعلبة الخشني، قال لأصحابه ":فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن كقبض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله قالوا: يا رسول الله! أجر خمسين منا أو منهم.قال: بل أجر خمسين منكم"،وهو حديث رواه أهل السنن وهو حسن بشواهده، ومثله أيضاً حديث عتبة بن غزوان ":إن من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذٍ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم قالوا: يا نبي الله! أو منهم؟ قال: بل منكم،" وهو حديث حسن أيضاً.

الصبر على الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله، والإنفاق، وسائر الأعمال التي تحتاجها الدعوة، من التضحية بالنفس أو بالمال، أو بالأهل والعشيرة، أو بالوقت أو بالراحة، والصبر على أذى المشركين والمنافقين والفاسقين والمناوئين، فلا يخرج الإنسان عن طوره، ولا يتسرع أو يتهور أو يستعجل، بل يظل على منهجه الذي آمن به، واطمأن إليه، ولا يستجيب لاستفزاز الذين لا يوقنون.الصبر على ما يلقاه الإنسان داخل الصف المؤمن أحياناً من النقائص بين المؤمنين والتناقض والمآخذ والعيوب، حتى من إخوانه وأصحابه وأقرب الناس إليه، كما قال عليه الصلاة والسلام :"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم ".

إن من الطبيعي أن يجد الإنسان تخلخلاً في الصفوف، أو ضعفاً في العزائم، أو قلة في الاتباع، أو إخلاداً إلى الراحة، أو تناقضاً في الجهود، فيكون دأب المؤمن الصابر العمل على الإصلاح وتلافي العيوب ما وجد إلى ذلك سبيلاً.

والصبر عن المعاصي التي تنتشر وتفشو ويصبح التحرز منها أمراً صعباً، فمعصية في البيت، ومعصية في السوق، ومعصية في الطائرة، ومعصية في البر، ومعصية في البحر، ومعصية عبر الهاتف، وأخرى عبر المذياع، وثالثة على شاشة التلفاز، ورابعة في الجريدة، وخامسة في كتاب، وسادسة في المدرسة، وسابعة في العمل، وثامنة في الحي، وتاسعة ربما كانت على أبواب المساجد، فيحتاج الإنسان إلى أن يتمنطق بالصبر على هذه المعاصي لينال رضا الله سبحانه وتعالى.

وهذا الزمن الذي تفاقمت فيه الأمور، وكثرت الفتن، واشتدت فيه الكروب على المسلمين، وأصبح المسلم يخاف على دينه صباحاً أو مساء، وأصبح المؤمنون يشردون في مشارق الأرض ومغاربها، ويودعون غياهب السجون بغير ذنب اقترفوه، ولا جرم افتعلوه إلا أن يقولوا: ربنا الله، ولينكل بهم غيرهم، فلا يقوم إلى الله تعالى داع، ولا يتحرك إلى الله تعالى ناصح، ولا يأمر أحد بمعروف، ولا ينهى أحد عن منكر، ولا يطالب أحدٌ بتحكيم شريعة الله تعالى، فيشرد بهؤلاء، وينكل بهم، ويؤذون، ويضيق عليهم ويضطهدون، ويجد الإنسان من ذلك شيئاً كثيراً عظيماً في سائر بلاد الإسلام، ويجد هذه المعاصي المنتشرة الكثيرة الظاهرة، بينما تجد الطاعات قد أغلقت أبواب كثير منها، أو كادت، فيحتاج إلى الصبر على ذلك كله.

وهاهنا يأتي مصداق ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أنس بن مالك الذي رواه الترمذي وغيره:"يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر"، وفي حديث أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام:"ويل للعرب من شر قد اقترب، فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل "، نعم فقد باع دينه بوظيفة، أو راتب، أو مقابل، أو جعل، أو عطاء، أو مرتبة، أو ما أشبه ذلك مما يتقرب به من الناس ويباعده عن رب العالمين.

وكثير من الناس يحاول الواحد منهم أن يثبت ولاءه، وإخلاصه لهذا بأن يطعن في هذا، ويشتم ذاك، ويسب هؤلاء، ويتهم أولئك، ولسان حاله يقول: أنا وحدي المخلص الصادق الوفي لك أو لفلان أو لزيد أو عبيد، فيشتري الدنيا ويبيع الآخرة -والعياذ بالله- ويبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، قال عليه السلام ":المتمسك يومئذٍ بدينه كالقابض على الجمر -أو قال- على الشوك".وفي مثل هذه الحال يتأكد الصبر ويتحتم ويصبح من أوجب الواجبات، لأنه ضرورة بالنسبة للمسلم العادي، ليحافظ على إسلامه ويحتمي من الردة التي تطل برأسها على صورة مبادئ ومذاهب إلحادية، أو موجات تشكيكية، أو انجراف في الحياة المادية، أو على صورة تخل بالشعائر من الصلاة والزكاة وغيرها، أو الغفلة عن المعتقدات التي بعث الله بها رسله الكرام عليهم الصلاة والسلام أو على أي صورة أخرى.


الجمعة، 15 فبراير 2013

ألا إنّ نصر الله قريب


منديل بن محمد الفقيه

إنّ المتأمل في حال الأمة اليوم، وما وصلت إليه من القهر والذل ، ربما أصابه اليأس مما وصلت إليه الأمة من الضعف والهوان وتساءل: هل يمكن أن تقوم للمسلمين قائمة، ويعودوا إلى سابق عزهم ومكانتهم وقيادتهم للبشرية؟ بعد أن تكالب عليهم أعداؤهم من كل حدب وصوب؟ هل يمكن أن تعود الأمة إلى عزها وتنفض غبار النوم عنها؟ وهل سيأتي نصر الله عز وجل بعد كل هذا الهوان؟ أسئلة مريرة تدل على حالة من اليأس والقنوط تعيشها الأمة من أقصاها إلى أقصاها، لذلك كان من الضروري تسليط الأضواء على هذه الحالة لطرد اليأس وإعادة الأمل إلى قلوب هذه الأمة المباركة المنصورة إلى قيام الساعة، فأقول وبالله التوفيق: لا شك أن كل مسلم يتطلع دائماً إلى نصر الله عز وجل لأوليائه المؤمنين، كيف لا يتطلع وهو يقرأ قول الله وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ} كيف لا يتطلع وهو يقرأ قول الله للمؤمنين:{ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ }كيف لا يتطلع وهو يقرأ قول ربه:{ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءامَنُواْ فِي الْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَـٰد }فنصر الله لهذه الأمة نصر قريب، كما قال ربنا: {أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}.

إخواني : هل يخالجكم شك في قوة الله وقدرته على نصرة دينه وأوليائه ؟ وهل ترتابون في ضعف كيد الأعداء مهما بلغت قوتهم وكثرت جموعهم ؟ وهل يتردد مسلم في أنّ العاقبة للمتقين ؟وأنّ الغلبة في نهاية المطاف للإسلام والمسلمين؟ تلك مسلمات لا تقبل الجدل وأدلتها من الكتاب والسنة قد لا تحصر وإن كان الله قد جعل لكل شيء قدرا ، وجعل للنصر والتمكين شروطا لا بد توفرها وهي ليست ضربا من المستحيل ولا فوق طاقات البشر ، ولكنها تحتاج إلى صدق وإخلاص وجهاد ونية . والمسلمون اليوم ممتحنون ليثبتوا صدق جهادهم لدينهم ، وولائهم لشرع ربهم والمؤمنين وبراءتهم الكفر والكافرين وقد قيل لمن هم خير منهم {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }.



إخواني: لا بد أن نعتقد أنَّ الحق والعدل أساس في هذا الكون، وأصل في بناء السماوات والأرض، وأنَّ الدنيا بدأت بالحق، وستنتهي بالحق، ويوم القيامة يتجلى الحق في أعلى وأجلّ صوره، ومن هذا الحق أن تعود لأمة الإسلام قيادتها للبشرية، ومن الحق أن يعود حكم الإسلام إلى الأرض كلِّها، ومن الحق والعدل أن تزول هذه الغشاوة، وأن تنقشع هذه الغُمة التي تحياها هذه الأمة. ولا يغرنكم انتفاش ريش اليهود والنصارى على الدنيا بأسرها في هذه الفترة، فإن الله جل وعلا يقول: {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى الْبِلادِ * مَتَـٰعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} إنَّ الكفر والباطل وإن تسلط فإنَّ تسلطه محدود بقَدَر من الله، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر، لأن الله جعل لكل شيء نهاية. ولنفرض بأنَّ الكفار استطاعوا أن تكون لهم الغلبة مدة الحياة الدنيا كلِّها، ألسنا نحن المسلمين نعتقد ونؤمن بأنَّ الله قد وعدنا بالآخرة؟ وبالحياة الأبدية الباقية في الجنة ؟ فما قيمة الحياة الدنيا من أولها إلى آخرها مقارنة بالآخرة؟ ألا ترضون أن يأخذوا هم الدنيا وتكون لنا الآخرة؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر ((مَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ)) البخاري. لقد قص الله عز وجل علينا قصة أصحاب الأخدود والطريقة التي انتهت إليها؟ إنها حادثة مؤلمة جدا، أن يَحْفُرَ الكفار أخدودا في الأرض، ثم يؤججوا فيه النيران، ثم يلقوا فيه أناساً أبرياء لا ذنب لهم سوى الإيمان {وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} ولحكمة يعلمها الله عز وجل لم يذكر في نهاية القصة أنَّه عاقب أولئك المجرمين أو انتقم منهم كما أخذ قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيبٍ وقومَ لوط، أو كما أخذ فرعون وجنودَه أخذ عزيز مقتدر. وعند المقارنة الدنيوية وإغفال عالم الآخرة، يكون هؤلاء المجرمون هم المنصورون، وأولئك المؤمنون هم الخاسرون ، لكنَّ الله عز وجل أخبرنا في هذه الحادثة بهذه النهاية المؤلمة، ليُعْلِمنا وليكشف لنا عن حقيقة أخرى، وهي أنَّ الحياة الدنيا بما فيها من لذائذ وآلام، ومتاع وحرمان، ليست هي القيمة الكبرى في الميزان، وليست هي السلعة التي تقرر حساب الربح والخسارة، ولكن القيمة الكبرى في ميزان الله عز وجل هي قيمة العقيدة، والسلعة الرائجة في سوق الله تعالى هي سلعة الإيمان، وإنّ النصر في أرفع صوره هو انتصارُ العقيدة على الألم، وانتصارُ الإيمان على الشرك والكفر، {وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ *الذي لَهُ مُلْكُ السموات وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شيء شَهِيدٌ} فالله عز وجل شهيد على هذه الحادثة، وهكذا اتصلت حياة المؤمنين في الأرض بالحياة الباقية الخالدة في الملأ الأعلى، واتصلت الدنيا بالآخرة، ولم تعد الأرض وحدها هي مجال المعركة بين الخير والشر، ولم تعد الدنيا هي خاتمة المطاف، ولا موعد الفصل في هذا الصراع. لقد انفسح المجال في المكان والزمان، والقيم والموازين، واتسعت آفاق النفس المؤمنة، وكبرت اهتماماتها، فصغرت الأرض وما عليها، وصغرت الحياة الدنيا وما يتعلق بها، وكَبُرَ المؤمن بمقدار ما معه من إيمان غيبي، فأخبر عن العقاب الأخروي لهؤلاء المجرمين فقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـٰتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} أما أولئك الذين صبروا ، وأحرقتهم النار في هذه الدنيا ، فيقول الله عز وجل في شأنهم: {إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لهم جنات تَجرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} هذا هو الميزان ، ذلك الفوز الكبير. ولو أجرينا مقارنة بين الكفر والإسلام، لوجدنا أنَّ دين الله قديماً وحديثاً هو الغالب، وهو المسيطر مدةً أطولَ من سيطرة الكفار، فهل تعلموا أنَّ الناس بعد آدم عليه الصلاة والسلام بقوا مدَّة عشرة قرون على التوحيد والإسلام ؟!. وهل تعلموا أنَّ أمتنا بقيت حاكمة منذ بعثة نبيها صلى الله عليه وسلم إلى زمن سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924، أكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان وهي أمة ظافرة منتصرة، بيدها تدبير كثير من أمور الدنيا حتى الأمم الكافرة، وهذه هي التي طالما تغنى بها كثير من شعراء المسلمين عندما قالوا:
ملكنـا هـذه الدنـيا قـرونا --- وأخضعها جدودٌ خالدونــا
وسـطَّرنا صحائـف من ضيـاء --- فما نسي الزمان ولا نسينـا

خاطب هارون الرشيد سحابة رآها تجري فقال: (أمطري حيث شئتِ فسيأتيني خراجك) هذا ما كان في الماضي.
أمَّا عن مستقبل هذه الأمة فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن المعركة الفاصلة مع اليهود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ))مسلم.

إذاً لا يجوزُ أن نقارنَ لحظةً معينةً من عمرِ التاريخ وننسى الماضي كلَّه، والمستقبلَ كلَّه. إنَّ تسلط الكفار في هذا الوقت إنَّما هو تسلط مؤقت بقدر من الله عز وجل، ولحكمة منه سبحانه وتعالى، ودينُ الله غالبٌ، ونصرُ الله قريب، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} فهذه الأمَّة منصورة بإذن الله تعالى، وإنَّما تحتاج إلى من ينفض عنها الغبار.

إخواني : ربَّما يقتل أناس من هذه الأمة، وربَّما تباد جماعات ومجتمعات، وربَّما تسقط دول وتذهب أسماء وشعارات، وهذا كلُّه صحيح، لكنَّ الإسلام باق، والذي يريد أن يواجه الإسلام، أو يحارب الإسلام مسكين، مثله كمثل الذبابة التي تحاول حجب ضوء الشمس والله متم نوره ولو كره الكافرون، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}
إن هذا الدين هو سر بقاء هذه الأمة ووجودِها، وهذه الأمة إنما خلقت للإسلام، ووجدت للإسلام، والذي يريد أن يقضي على الإسلام فليقض على هذه الأمة، وهل يستطيع أحد أن يقضي على هذه الأمة، هيهات ثم هيهات!! فهذه الأمة موعودة بالبقاء، وليس بالبقاء فقط بل البقاء مع النصر والتمكين، ولا يزال الله عز وجل يخرج لهذه الأمة في كل مرحلة من تاريخها دعاةً علماءَ وقادةً ومجاهدين يستعملهم في خدمة هذا الدين، ولن يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا وسيدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ((لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ))أحمد وصححه الحاكم وابن حبان والألباني.
إنّ هذا الدين هو كلمة الله عز وجل، ولا إله إلا الله هي كلمة الإسلام، ومن ذا الذي يستطيع أن يُطفئ نور هذه الكلمة؟

إخواني : إننا بحاجة إلى التذكير بالمبشرات الصادقة لندفع بها اليأس والإحباط عن نفوسنا ونجدد العزائم ونتلمس أسباب النصر والتمكين فمن رحمة الله بأمتنا أن جعل لها بعد العسر يسرا وبعد الشدة والضيق فرجاً ومخرجا فقال :{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} ولن يغلب عسرٌ يسرين قال العلامة السعدي في تفسيره : ( بشارة عظيمة إنَّه كلَّما وجد عسرٌ وصعوبة فإنَّ اليسر يقارنه ويصاحبه حتى ولو دخل العسر جحر ضبٍ لدخل عليه اليسر فأخرجه ) كما قال تعالى :{ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" وإن الفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا" رواه أحمد وصححه الحاكم .
ومهما تلاحقت الخطوب واشتدت المكاره وتفنن الأعداء في أساليب العداوة والبغضاء فلا يغب عن البال أن نصر الله قريب وأن كيد الشيطان ضعيف وأن الغلبة في النهاية للحق وأهله { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} إنَّ الشدة تخفي وراءها فرجاً بإذن الله والمكروه يحمل الخير القادم بإذن الله وإنَّ الدلائل والبشائر من الكتاب والسنة ومن واقع الحضارات المادية المنهارة والآيلة للانهيار ومن واقع الأمة الإسلامية التي باتت الصحوة الإسلامية تسري بين رجالها ونساءها ومثقفيها وعوامها ومن واقع الأعداء كذلك وتآزرهم لضرب الإسلام وخنق المسلمين ، كلُّ هذه وغيرها تقول بلسان الحال : إنَّ الإسلام قادم وإنَّ الجولة القادمة للمسلمين إن شاء الله فعلى المسلمين أن يرجعوا إلى دينهم ويعدوا أنفسهم بما يستطيعون وليدركوا أنَّ النصر في النهاية ليس بقوة المسلمين وجهدهم ولا بكثرة عددهم وعتادهم وإنما بقوة الله ودفعه { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} والمسلمون إذا صدقوا كانوا سبباً لتحقيق قدر الله في عدوه وعدوهم { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} فالنصر من عند الله فلا يهنوا ويضعفوا وهم يرون ما بالأعداء من قوة فيد الله فوق أيديهم وأمره بين الكاف والنون { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

 فعودة يا مسلمون إلى دينكم، وبينوا الصورة المشرقة للإسلام، فالإسلام الآن متهم بالإرهاب والتطرف شئنا أم أبينا، فتحركوا لخدمة دين الله تعالى .
إخواني : إنّ نصر هذه الأمة قد انعقد غمامه وقد أقبلت أيامه فأحسنوا الظنَّ بربكم واجمعوا مع الأمل حسن العمل , وانصروا الله في أنفسكم ينجز لكم ما وعدكم من مصر على عدوكم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }واعلموا أنَّ الشدائد التي تمر بها الأمة هي أمارات ميلاد جديد بإذن الله فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا

إخواني : إنّ الدين دين الله وإنّ الحرمات حرماته والله أغير على دينه وحرماته منّا ، وهو الذي أنزل الدين وأرسل الرسول وتكفل بإظهار دينه ونصر رسله{ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}{ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}{ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}{ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } أسأل الله العلي القدير أن يصلح أحوال المسلمين وأن يأخذ بنواصيهم إلى الحق والهدى وأن يعجل النصر لأمتنا إنه سميع قريب مجيب .